الاثنين، 2 نوفمبر 2015

نَصْبُ المضارِعِ بِأنْ المُضْمَرَةِ




نَصْبُ المضارِعِ بِأنْ المُضْمَرَةِ
   
مِثلما يُنْصَبُ المضارعُ بأنْ الظاهرةِ في مثل قولِنا : أطْمَحُ أنْ أُحَقِقَ آمالي . فإنّه يُنصَبُ بأنْ المضمَرة – غير الظاهِرَةِ – في مثل قولنا : قابَلْتُه لأوضِحَ له خطأهُ = قابَلْتُه لأن أوضِحَ له خطأه .

وتُضْمَرُ أنْ جوازاً – أي يُجوزُ ذِكْرُها ، وعَدَمُ ذِكْرِها - . كما أنّها تُضْمَرُ وجوباً – لا يجوز ذِكْرُها أو إظهارُها –

 إضمارُ أنْ جوازاً : تضمر أنْ جوازاً أو تذكر صراحةً ، بَعْدَ سِتَةِ حروفٍ هي :
1. لامُ كي – والتي تُسمى لامَ التعليل – وهي لامُ الجَرِّ التي يكونُ ما بعدها سَبَباً في حدوث ما قَبْلها . مثل:"وأنزلنا إليك الذِكْرَ لتُبيِّنَ للناسِ" أي لأجلِ أن تُبَيِّنَ للناسِ . ومثل : هاتَفْتُكَ لِتَطْمَئِنَّ .
ومثل : حضرتُ لأستفيدَ ، أو لأن أستفيدَ .

2. لامُ العاقِبَةِ ، وهي اللامُ الجارَّةُ ، التي يكونُ ما قَبْلَها نتيجةً وعاقبةً ومصيراً ، لما قبلها وليسً سبباً في حصولِهِ ، ويُسميها بَعْضُهم لامَ الصيرورةِ – أي ما صارَ إليه الحالُ . أو لامَ المآل – أي ما آلَ إليه الأمرُ . ويمثلون لها بالآيةِ الكريمةِ المتعَلِقَةٍ بِعُثورِ قومِ فرعونَ ، على سيدنا موسى عليهِ السلامُ . "فالتَقَطَهُ آلُ فِرْعونَ ليكونَ لهم عَدواً وَحَزناً" قال فرعون لم يلتقطوا موسى عليه السلامُ ليكون لهم عدواً وحِزناً . ولكن العاقبةَ والمآلَ والمصيرَ الذي انتهي إليه التقاطُهم له ، أنّه صارَ كذلك . ومثل : ربى الوالدان ابنهما ليعقهما عند الكبر .

3. بَعْد أحدِ هذه الحروفِ العاطفةِ (الواو والفاء وثم وأو) عندما تَعْطِفُ الفِعْلَ المضارعَ علىالاسمِ الجامِدَ . وإنما يُنْصَبُ الفعلُ المضارعُ بعد هذه الحروفِ بأنْ مضمرةٍ لسببٍ منطقيٍّ ، ليتسنى لنا أنْ نوُجِدَ بواسطتها مَصْدراً نستطيعُ عَطْفَهُ على الاسمِ الجامِدِ – المصدر – لأن الفعل لا يجوز أن يُعْطَفَ على الاسمِ الخالِصِ، بلْ يُعْطَفُ على فِعْلٍ مِثلِهِ . 
   
 مثالُ إضمارها بعدَ (الواو) : يأبى التاجرُ الأمينُ الغِشّ ويَرْبَحَ . والتقدير وأنْ يَرْبَحَ . أي يأبى الرِّبحَ والغِشَّ.
 
  ومنهُ قولُ ميسونَ بنتِ بَحْدَلَ .
ولِبْسُ عَباءةٍ وتَقَرَّ عَيني    أَحَبُّ إليَّ من لِبْسِ الشّفوفِ  = ولبس عباءة وأن تَقَرَّ عيني
(والشفوف : اللباس يشف عما تحته) ، أي لبسُ عباءةٍ وقُرَّةُ عيني !

 ومثالُ (الفاء) : شقاؤك فَتَسْتَريحَ ، خيرٌ من كَسَلِكَ فَتَتْعبَ . = أن تشقى (شقاؤك) وأن تستريح ، خير من كسلك وأن تتعب .
 ومثال (ثمَّ) لا يَقْبَلْ الكريمُ الجُبْنَ ثم يَسْلَمَ = لا يَقْبَلُ الجُبْنَ والسّلامَةَ = لا يقْبَلُ الكريمُ الجبن ثم أن يَسْلَمَ .
 
 ومثال : (أو) : يرضى عَدّوُّكَ نزوحكَ أو تُسْجَنَ = نزوحك أو سَجْنَك = يرضى عَدّوُكَ نزوحكَ أو أن تُسْجَنَ. 
 
(فأنْ)  في جميع الأمثلة المتقدمة مُقدَّرةٌ قبْلَ الفعلِ المضارِعِ ، والفِعْلُ منصوبٌ بها ، وهو مُؤَوَّلٌ بمصدرٍ معطوفٍ على الاسمِ قبلَه .
  
   
 إضمارُ (أنْ) وجوباً
 
تُقَدَّرُ أنْ وجوباً بعد خَمْسَةِ حُروفٍ هي :
1. بعدَ لامِ الحجودِ ، وهي لامُ الجرِّ المسبوقةُ بكونٍ (أحدِ مشتقاتِ كانَ) مَنْفيٌّ ، مثل قولهِ تعالى "ما كانَ اللهُ ليظلِمَهم" وقولِهِ "لمْ يكنْ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُم" . ومثل قولنا : لم تَكُنْ لِتَكْذِبَ ، وهيَ أبلغُ من قولِنا : لم تَكُنْ تَكْذِبُ ، لأنَّ الفعلَ المنصوبَ بَعْدَ أنْ المُضْمَرة مُؤَوّلٌُ بمصدرٍ مجرورٍ ، والتقديرُ لمْ تَكُنْ مُريداً الكَذِبَ . لأنّ نفي إرادةِ الكَذِبِ أبلغُ من نفْيِ الكذبِ ذاته .
2. بعدَ فاءِ السَبَبيّة : وهي التي تُفيدُ أنَّ ما قبْلَها سَبَبٌ لما بَعْدَها ، وأنّ ما بَعْدَها مُسَبّبٌ عما قبلَها . ويُشترطُ أنْ تُسْبَقَ بنفيٍ أو طلبٍ .
 فأما النَفْيُّ ، فمثلُ قَوْلِكَ : لمْ تحضرْ فَتَسْتَفيدَ .
ومثل : جارُكَ غَيْرُ مُقَصِّرِ فَتَلومَهُ .
ومثل : لَيْسَ المُجْرِمُ نادماً فتعفوَ عَنْهُ .
إذ لا فرقَ أن يكونَ النفيُّ بالفِعْلِ أو بالاسمِ أو بالحرفِ . كما في الجمل الثلاث السابقة .

 أما الطَّلبُ فَيَشْتَملُ الأمرَ ، مثل ُ : اسكتْ فَتسلَمَ أوْ لِتَسْكُتَ فَتَسْلَمَ .
 ويَشْتَملُ العَرْضُ ، مثل : ألا تُرافِقُنا فَتَسْتَمْتِعَ .
 كما يشملُ الحَضَّ : مثل : هلاّ عَمِلْتَ الخيرَ فَتُؤْجَرَ .
 ويشملُ التمنيّ ، مثل : لَيْتَكَ حَضَرْتَ فَتُسَرَّ .
 ويشملُ التّرجيَ ، مثل : لَعَلّكَ عائِدٌ فأستضيفَكَ .
 ويشملُ الاستفهام ، مثل : هل أنت منتبه فأُخاطِبَكَ .
ويكونُ المضارِعُ المنصوبُ بأنْ مُضْمَرَةً بَعْدَ فاءِ السَّبَبَيِّةِ مُؤَولاً بِمَصْدَرٍ مَعطوفٍ على مصدرٍ مُنتَزَعٍ من الفِعْلِ قَبْلَها . ففي : اسْكُتْ فَتَسْلَمَ : ليكن منكَ سكوتٌ فسلامةٌ .

3. بعدَ واوِ المَعِيَّةِ ، التي تُفيدُ معنى (مع) مثل : لا تأكُلْ وتَتَحَدّثَ ، فالنهيُّ في الجملةِ ليسَ مُتَجِّهاً إلى الأكلِ وحْدَهُ ولا الحديث وَحْدَهُ، وإنّما يَتَّجِهُ النَّهيُ عن أنْ يتحدثَ وهوَ يَأكُلُ .
ويُشترطُ لِنصْبِ المضارِعِ بَعْدَ (واو) المعيةِ أن تُسْبَقَ بنفيٍ أو طَلَبٍ ، كما هو الحالُ في فاءِ السَبَبيةِ . الأمثلة:

لا تَشرَبْ وتَضْحَكَ .
اقرأْ وترفعَ صَوتَك .
هلا تَصَدّقْتَ وتُخَفيَ صَدَقَتَكَ .
ألا تزورُنا وتُسَلّمَ .
لَعلّكَ مُسافِرٌ وترافِقَني .
لَيْتَكَ حَضَرْتَ وَتُشَاهِدَ .

هلْ أنتَ سامِعٌ وتُجيبَني .

4. بَعْدَ (حتى) الدالةِ على الانتهاءِ أو التعليلِ .
فمثالُ دلالتها على الانتهاءِ ، قَوْلُنا : أنْتَظِرُكَ حتى تَرْجِعَ = إلى أن تَرجِعَ .
                      والتعليلُ مثلُ : 
وافَقْتُكَ حتى أُرضيَكَ = لأُرضيَكَ .
والمضارِعُ مع أنْ المستترةَ يُؤَوّلُ بمصدرٍ في محلِ جرّ بـِ (حتى) : انتظرتُكَ إلى رُجوعِك ، ووافقتُكَ لرِضاك.

5. بعد (أو) التي بمعنى (إلى) مثل : أسْهَرُ أوْ أُنْهِيَ عَملي = أسْهَرُ إلى أن أُنهيَ عملي .
أو بمعنى (إلا) ، مثل : يَظَلُّ المتّهَمُ بريئاً أو تثبُتَ إدانتُهُ = إلا تَثْبٌتَ .

6. إضمارُ أنْ سماعاً :
وردَ عن طريقِ السّماعِ إضمارُ أنْ ، في غيرِ المواقعِ السابِقَةِ – مواقعِ الجوازِ والوجوبِ – ويُكتفى بمعرِفَتِها، دونَ القياسِ عليها .
ومما وَرَدَ في ذلك : تسمعَ بالمُعْيدي خيرٌ من أنْ تراهُ .
                     خُذْ اللصَ قَبْلَ يأخُذَكَ .
                     مُرْهُ (امرهُ) يَحْفِرَها .
وقُريءَ بنصبِ (أعبدَ) في الآيةِ " قُلْ أفغيرَ اللهِ تأمروا بي أعبدَ أيُّها الجاهلون" .
 أطْمَحُ أنْ أُحَقِقَ آمالي
أطمح : فعل مضارع مرفوع ، علامته الضمة ، وفاعله مستتر فيه .
أن    : حرف نصب مبني على السكون .
أحقق : فعل مضارع منصوب علامته الفتحة ، وفاعله مستتر فيه .
آمال  : مفعول به منصوب بفتحة مقدرة على اللام ، وهو مضاف .

 قابَلْتُه لأوضِحَ له خطأهُ
قابلته  : فعل وفاعل ومفعول به .
لـ     : حرف جر مبني على الكسر ، يفيد التعليل .
أوضح  : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة جوازاً بعد لام التعليل .

 "وأنزلنا إليك الذِكْرَ لتُبيِّنَ للناسِ"
انزل    : فعل ماض مبني على السكون ، لاتصاله بالضمير (نا) وهو مبني في محل رفع فاعل .
إليك    : شبه جملة متعلقة بالفعل السابق .
الذكر   : مفعول به منصوب ، علامته الفتحة .
لـ     : حرف جر مبني .
تبين   : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة جوازاً بعد اللام ، علامته الفتحة . وفاعله تقديره أنت .
للناس : شبه جملة متعلقة بـ تبين .

 "فالتَقَطَهُ آلُ فِرْعونِ ليكونَ لهم عَدواً وَحَزناً"
التقطه   : التقط : فعل ماض مبني على الفتح . ه : ضمير مبني على الضم في محل نصب مفعول به .
آل      : فاعل مرفوع .
فرعون : مضاف إليه مجرور علامته الفتحة ، ممنوع من الصرف .
لـ     : حرف جر مبني على الكسر .
يكون  : فعل مضارع ناقص منصوب بأن مضمرة جوازاً . اسمها ضمير مستتر تقديره هو .
عدواً  : خبر يكون منصوب .

 يأبى التاجرُ الأمينُ الغِشّ ويَرْبَحَ
يأبى     : فعل مضارع مرفوع ، علامته ضمة مقدرة على آخره .
التاجر   : فاعل مرفوع .
 الأمين : صفة مرفوعة .
الغش   : مفعول به منصوب .
و       : حرف عطف مبني على الفتح .
يربح   : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة جوازاً . 
   
 لِبْسُ عَباءةٍ وتَقَرَّ عيني     أَحَبُّ إليَّ من لِبْسِ الشّفوفِ
لبس        : مبتدأ مرفوع – وهو مضاف .
عباءة      : مضاف إليه مجرور
و          : حرف عطف .
تقر        : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة جوازاً ، علامته الفتحة .
عين       : فاعل مرفوع ، بضمة مقدرة على آخره ، وهو مضاف .
ي         : ضمير مبني على السكون ، في محل جر بالإضافة .
أحب      : خبر المبتدأ مرفوع .
 إلى       : شبه جملة متعلقة بـ أحب .
من لبس  : شبه جملة متعلقة بـ أحب .
الشفوف  : مضاف إليه مجرور .

 شقاؤك فَتَسْتَريحَ ، خيرٌ من كَسَلِكَ فَتَتْعبَ
شقاؤ     : مبتدأ مرفوع ، بضمة ، وهو مضاف .
ك        : في محل جر بالإضافة .
ف       : حرف مبني على الفتح .
تستريح  : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة جوازاً بعد (الفاء) .
خير      : خبر مرفوع .
من كسل : شبه جملة متعلقة بـ (خير) وهما مضافان .
ك        : في محل جر بالإضافة .
ف       : حرف مبني على الفتح .
تتعب     : فعل مضارع منصوب ، بأن مضمرة جوازاً بعد الفاء .

 لا يقبَلْ الكريمُ الجُبْنَ ثم يسْلَمَ
لا     : حرف نفي مبني على السكون .
يقبل   : فعل مضارع مرفوع / الضمة .
الكريم : فاعل مرفوع / الضمة .
الجبن : مفعول به منصوب / الفتحة .
ثم     : حرف مبني على الفتح .
يسلم  : فعل مضارع منصوب / الفتحة بأن مضمرة جوازاً بعد (ثم) . 

 يرضى عَدّوُّكَ نزوحكَ أو تُسْجَنَ : نزوحك أو سَجْنَك
يرضى : فعل مضارع مرفوع بضمة مقدرة على الألف .
عدو   : فاعل مرفوع علامته الضمة , وهو مضاف . ك : في محل جر بالإضافة .
نزوح  : مفعول به منصوب علامته الفتحة . وهو مضاف .
أو     : حرف مبني على السكون .
تسجن : فعل مضارع منصوب علامته الفتحة ، وهو منصوب بأن مضمرة جوازاً بعد (أو) والمصدر المؤول في الجملة والجمل السابقة – سجنك – معطوف على المصدر السابق (نزوح) .

محمود الكشكي

اعلان 1
اعلان 2

0 التعليقات :

إرسال تعليق

إسأل ولا حرج :)

عربي باي